في عالمٍ يُعاني فيهِ الأطفال من آثام الكِبار، يلّقى كل شخصٍ جزاءه في نهاية المطاف.
“عالم جميل / Beautiful World” دراما مؤثرة رغم حكايتها المُحبطة. صورّت الدراما بشجاعة البيئة القاسية التي يعيشها شباب اليوم. كما لم تخجل من تناول تأثير أولياء الأمور على حياة أطفالهم. تُسلّط الدراما الضوء على العقبات التي يتحتم على أولياء الأمور اجتيازها في سبيل حماية أطفالهم.
الحادث الذي أدخل “بارك سون هو” في غيبوبة كان مجرد خدش على سطحٍ لجرائم أكبر قدّ ارتُكبت. فقدّ كشفت حادثتهُ عن مشاكل كثيرة تحدث داخل أساور المدرسة، حيث حاول رؤسائها بذل كل ما بوسعهم لإخفائها.
تضررت الصداقات بين الطلاب لكن الدروس قد لُقنّت قطعًا. فهناك شخصيات اكتشفت قيمتها رغم كل المصاعب التي واجهتها، اكتشفوا أن ما زال أمامهم عالمًا جميلاً ليعيشوه.
ما يُميز “عالم جميل”: طاقم عمل رائع
تمكن طاقم “عالم جميل” من اختيار ممثلين مثاليين لأدوارهم. من الآباء وحتى الأطفال، تمكن كل الممثلين من تجسيد شخصياتهم. جعلت الشخصيات من الدراما ساحرة جدًا وأصبح المشاهدين متعلّقين ومتحمسين لمعرفة ما سيحدث لأبطالها في الحلقات المقبلة. تقمّص الممثلون لشخصياتهم التي لم يسعنا سوى تشجيعهم بكل ما أوتينا من قوّة.
البالغون في هذه الدراما بالأخصّ الآباء، مثلوا شتى الطرق في تربية أولياء الأمور لأبنائهم والحفاظ على اتحادّ الأسرة. المواجهة بين الأمهات أثارت مشاعرنا وشعرنا بهنّ قليلاً. إثم “أون جو”، فصراحتها حيال حالتها الذهنية في تلكَ الليلة المشؤمة وطلبها الصادق للمغفرة كان واضحًا وقدّ لامسنا كذلك.
أما بالنسبة لغضب “إن ها”، فتمكنا من تفهمها واتفقنا أن لديها كلّ الحق بألا تُسامح “أون جو” كذلك. ذاكَ المشهد كان من أبرّز المشاهد في الدراما.
احتذى الممثلون الشباب حذو الممثلين المخضرمين من ناحية التمثيل حيث لّمعوا كلهم بطريقتهم الخاصة. “نام دا ريوم” الذي لعب دور “بارك سون هو” موهوبٌ بالفطرة. رغم أن شخصيتهُ كانت على سرير المشفى لمعظم حلقات المسلسل وظهر أكثر في المشاهد التي تُصور الماضي، إلا أنهُ قدم أداءً ممتازًا. حيث بقيّ ثابتًا بِلا حراك وتحدثَ بعيناه التي اجتاحتها المشاعر. نحن نتطلع للمشاريع المستقبلية لهذا الممثل الصاعد.
كذلك “سو دونغ هيون” الذي لعِب دور “أوه جون سوك” جدير بالثناء. كنّا نشعر بالغضب من شخصيتهِ في البداية لأنهُ بدى متعجرفًا وطفلاً ثريًا مدللاً، إلا أن سرعان ما أخذت الأحداث منعطفًا آخر ليُصبح من السهل علينا فهم شخصيتهِ أكثر.
“كيم هوان هي” التي لعِبت دور “بارك سو هو” أخت “سون هو” وَ “لي جاي إن” التي لِعبت دور “هان دونغ هي” كان من الممتع مشاهدتهما. الممثلتان الصاعدتان التي لعِبتا دور صديقتا “بارك سون هو” وَ “أوه جون سوك” أنصفتا شخصيتيهما كذلك.
دراما “عالم جميل” : قصة رائعة
الأجواء الرئيسية لدراما “عالم جميل” تغلّبها الجدّية والسوداوية قليلاً. فالدراما تُسلط الضوء على التنمر والاعتداء والأفكار الانتحارية وفقدان براءة الطفولة ومكافحة الكبار في الحفاظ على سمعتهم.
تمكنّت الكاتبة “كيم جي وو” من كتابة قصة جذابة تتناول هذه المواضيع. التعامل الواقعيّ مع هذه المواضيع الحساسة بصرف النظر عن أداء الممثلين الرائعين هوَ ما جعل من هذه الدراما تحفة فنية.
كان من السهل متابعة صلة كل نقطة من الحبكة ومعرفة أهميتها في تقدم القصة. تقدمت تطورات الشخصيات بشكلٍ جيد جدًا لدرجة أن كل شخصية أصبح من الصعب نسيانها ومن السهل تفهم موقفها.
وضحت لنا الدراما أن أفعال المرء قدّ تؤثر بشكلٍ مباشر على منهم حوله، وصورت هذه الدراما كيف كان أثر البالغين على الأطفال. خلّقت الكاتبة شخصيات لا يُمكن كرهها وقصة يُمكننا الارتباط بها.
تأملات من “عالم جميل”:
“عالم جميل” رغم مفهومها السوداويّ، إلا أنها علمتنا أن ما جزاء الإحسان إلا الإحسان. كما كرّرت لنا أن التغيير هوَ الشيء الثابت الوحيد. بغض النظر عن مدى احتقارنا للواقع القاسي الذي نعيشهُ في الحياة، فلا سبيل آخر لنا إلا تجاوزهُ والتعلّم منه.
“مون جين” وَ “إن ها” وليا أمر “سون هو” علما طفليهما اللطف والإحسان. وينعكس هذا على كيفية تعاملهم مع الآخرين. رغم أن هناك مرات تسائل فيها “سون هو” عن سبب رفض والداهِ للدفاع عن نفسهِ بالشِجار، إلا أنهُ واصل العيش على مبدأ والده هذا.
رغم مرورنا كلنا بالمصاعب والعقبات، إلا أن هذه الدراما أكدّت على المحاسن لا المساوئ. قدّ نواجه أشخاصًا يستغلّونا، لكننا نلّتقي حتمًا بأشخاصٍ لا يترددون في مدّ يد العون لنا. علّمتنا الدراما كيف تعامل مع من عاملوك بقسوة بحسنٍ وطيب قلب. تَعلّمت “دونغ هي” كيف تدافع عن نفسها. أدركت أن ثمة أشخاص يكترثون لشأنها، وليس أخيها وحده. فقدّ كانت أول من يتقرّب من الشخص الذي تنمر عليها وأظهرت لهُ الشفقة.
أدركَ أخ “دونغ هي” أن معلمه لا يُريد سوى الخير له. حتى رغم تخليّ ذويهما عنهما، فما زال هناك من يتمنى الخير لهما. وبسبب هذا، غيّر من طريقة تفكيره كما ساعدّ “جون سوك” حتى.
ظهرت الحقيقة أخيرًا وكانت مؤلمةً على الجميع. فالأمور التي حدّثت غيّرت كل الأُسر. العلاقات تغيّرت والأطفال نضجوا قبل أوانهم، لكن الشخصيات تعلّمت درسها وحتى أن بعضهم قدّ غفروا لمن أساء لهم.
قدّ تكون الحياة لا تُرحم أحيانًا، لكن علينا ألا نتجاهل أن رغم كل السوء الذي قدّ نتلقاهُ من الآخرين، إلا أن البشر همّ وحدهم من بإمكانهم أن يُظهروا لبعضهم مدى جمال وروعة الحياة وأن العيش والبقاء على قيدّ الحياة نعمة بحدّ ذاتها.
وختامًا، هل سبق أن شاهدتم دراما “عالم جميل”؟ إذا كنتم قدّ شاهدتموها، فشاركونا آرائكم عنها في خانة التعليقات.

مارستُ الترجمة هواية وبِتُ أهواها.. تشدني الثقافة الشرق آسيوية عامةً والكورية خاصةً..♡