عاد إلينا “جي سونغ“ بدراما من أرّوع ما تكون! بعد منعطفهِ الذي لا يُصدق العام الماضي بدراما “قاضي الشيطان“، عاد ليتحدى نفسهُ من جديد بلعِب دورا توأمان يسعيان للانتقام ممن تسبّب بوفاة والدهما. ولكن لن يكون “جي سونغ” إذا لم يقدم لنا حيلة في الحبكة الدرامية، وَ “آداماس“ خير مثال، فقدّ قدّمت لنا هذه الحيل منذ أولى حلقاتها. مكر وريبة وزعزعة كذلك، حيث تُصورّ لنا الدراما عالم الأثرياء عبّر عدسة الديستوبية أو بما معناها “أدب المدينة الفاسدة” ليُثيروا تساؤلنا القديم: إلى أيّ مدى قدّ يتجاوز الأثرياء حدّودهم في سبيل حماية مصالحهم؟
إذا لم تُلفت الدراما انتباهكم بعدّ، فإليكم خمسة أسباب لتُقنعكم بالغوصّ في أعماقها!
1. التصوير السينمائي
بادء ذي بدء، يجدر بنا ذكر التصوير السينمائي لهذه الدراما والذي فاق الوصّف. ابتداءً من اللقطات المصورة بزاوية واسعة وحتى اللقطات المصورة عن قرّب لشخصياتنا، تبيّن لنا أن هذه الدراما من إخراج يد بارّعة في مجالها. المخرج “بارك سونغ وو”، المعروف لا يعرّف، فهوَ نفسهُ مخرج الدراما المذهلة “كايروس”، ومهاراتهُ الإخراجية تذهلنا مرة تلو الأخرى. منذ مشهد الزنزانة حتى مشهد المونتاج للتوأمين وهما يستعدّان ليُظهرا شخصياتهما النقيّضة، تتمحور هذه الدراما على الإخراج، فتُذكرنا كذلك بالدراما العظيمة “الغابة السرية”. بدخول “ها وو شين” لقصر أثرى رجل في كوريا الجنوبية، منحنا تحريك الكاميرا بدّقة متناهية شعورًا بالرّيبة والسرّية. لا داعي لحوارٍ في عظمة هذا المشهد، فالصمت في حرم الجمال جمال. حيث أن الصمتّ زادّ من حِدّة التوتر بمحاولة “وو شين” التنقل في حقل الألغام الجديد هذا.
2. ها وو شين
دراما “أداماس” تموت وتحيا بقوة شخصياتها في نسج حبكتها. بدأَ “وو شين” بحماسٍ شديد على الفور منذ أول حلقتين. فالكاتب الأكثر مبيعًا، تلقى عرّضًا وظيفي في ظروفٍ غامضة عن طريق الرئيس “كون” الرئيس التنفيذي لمجموعة “هايسونغ” الفاحش الثراء، ليستعين بهِ في كتابة سيرتهِ الذاتية تحت وظيفة “كاتب خفيّ”. دوافع “وو شين” ليست واضحةً كليًا لنّا بعدّ، لكننا نعلم أنهُ يشكّ بتورط مجموعة “هايسونغ” في مقتل والدهِ قبل 22 عامًا. ولهذا، شجعناهُ في قرارهِ بقبولهِ لدّعوة مجموعة “هايسونغ” الحصريّة للمكوث في قصر الرئيس “كون” القصر الأشبه بالسجن أثناء كتابتهِ لكتابه.
رئيسة الخدم “كون” التي تشرّف على كل شؤون القصر، امرأة قاسية تتغلّبها مشاعر الكره لـ”وو شين” ولكل شخصٍ لا ينحني لها فورًا. كما أنها تُسعدّ بتسميم الخادمات من دون سبب. تُحذر رئيسة الخدم “وو شين” بمكرٍ لِئلا تخطي قدماه الطابق الثالث. وفي ليلتهِ الأولى، يعثر “وو شين” على خادمة مسممة فيطلّب النجدّة، ليرى وجوهًا باردة بِلا مشاعر تأخذ الخادمة إلى المشفى لمجرد أن “وو شين” رآها بوضوح. تسجل كاميرات المرّاقبة الأمنية حرارة جسم كل شخصٍ لتحديد تحرّكاتهِ كلّما اقتربّ أكثر من اللازم. يُمنع على “وو شين” استخدام هاتفهِ أو ارتداء ما يُريد أو حتى الخروج خارج أسوار القصر. لا يوجد سوى هاتف قديّم في القاعة الرئيسية يُمكنه استخدامهُ تحت المراقبة فقط.
يدّخل “وو شين” هذا القصر المرّيب المليء بالأسرار والشبيه بالعمارة القوطية. لكن القصر هذا ليس السرّ الوحيد، فـ“وو شين” لم يُقحم نفسهُ في هذا الأمر بشكلٍ أعمى، بل جاء لغرضٍ محدّد وهذا الغرّض هوَ ما يزيدّ من حماس هذه الدراما إلى أقصى حدّ.
3. أداماس
أحد الألغاز الرئيسية وراء وفاة والد “وو شين” هوَ اختفاء سلاح الجريمة. ولكن بالحكم من سعيّ “وو شين” الدؤوب وراء “أداماس”، فربما لديهِ فكرة عن ماهية اللغز. كشفت الدراما أوراقها مبكرًا فيما يتعلق بـ“أداماس”. فـ“أداماس” هوَ سهم ماسيّ يُقدر بملايين الدولارات، صممتهُ مجموعة “هايسونغ” ليكون شعارها وليقطّع جذورها الممتدّة للإمبراطورية اليابانية. الكل يعرف أن السهم مخفيّ في مكانٍ ما داخل قصر الرئيس “كون” لا يعرفهُ سواه.
وهذا ما يسعى “وو شين” خلّفه؛ ألا وهوَ سرّقة “أداماس” من القصر شديد الحرّاسة للرئيس التنفيذيّ صاحب مجموعة تُسيطر على كوريا الجنوبية بأكملّها شديد الدّقة والمرجح أنهُ مختلّ عقليًا. يا لها من قصةٍ مذهلة! باختصار، نصف الحبكة تحكي عن سرقة “وو شين” لسلاح الجريمة المحتمل من قصرٍ مخيّف لملياردير. وهذا مجرد نصف الحبكة فقطّ!
4. سونغ سو هون
“وو شين” على طرفي نقيض أخيه التوأم المدعي العام الثرثار الذي لا يكترّث البتّة حيال كلام رؤساءهِ. “سونغ سو هيون” يُحسن أداء عملهِ جيدًا ولا يملكُ الوقت للخدع السياسية. لذا حينما جاء مراسل عنيد من قناة إعلامية سائدة بحثًا عنهُ ليُقنّعه أن يهتّم بالانتخابات المقبّلة، رفض الإنصات له. فحذرهُ الصحفيّ “كيم سو هي” قائلاً أن عضو البرلمان الحاليّ المتصدرّ “هوانغ بيونغ تشول” يُخطط لإعادة عقوبة الإعدام فورّ وصولهِ للسُلطة. وأول من سيُعدم هوَ “لي تشانغ وو”، قاتل والد “سو هيون” وَ “وو شين”. يرى “سو هيون” أن هذا خبرٌ مفرّح لكن سرعان ما يعدل عن رأيهِ حينما تخبره “سو هي” أن الأمر سيتحول لمأساة لأن “لي تشانغ وو” بريء.
يرّفض “سو هيون” تقبّل الأمر أولاً، إلا أن كلام “سو هي” كان يبدو منطقيًا في نظره، وحينما بدأ بالغوص في الأمر أكثر، اقتنع “سو هيون” أخيرًا وتبين لهُ أن “سو هي” كانت محقة. الشاهد الرئيسيّ لقضية مقتل والدهِ تلّقى رشوة، ولغز مقتل والدهِ لم يحلّ بعدّ. فما السبب؟ لأن الناس الذين تسترّوا على الجريمة هم مجموعة “هايسونغ”، وَ “سو هيون” لم يكن يعلّم بذلك. بالنسبة لرجلٍ يُحبّ القيام بعملهِ بِلا تلاعب، سوف يضطرّ ليبدأ التعلّم سريعًا. لأن في هذا العالم، مجموعة “هايسونغ” لا يُخفى عنها شيئًا، وصبّوا أنظارهم على توأمنا العزيز. والأسوء من ذلك، لا يستطيع “سو هيون” التواصل مع “وو شين”، الذي عُزل عن العالم في قصر الرئيس “كون”.
5. أون هي سو وَ كيم سو هي
مرحى وألف مرحى للمرأة المذهلة لدينا. “أون هي سو” (“سو جي هي” تعودَ لتمثل بجانب “جي سونغ” بعد أكثر من عشر سنين!) هيّ زوجة ابن الرئيس “كون” الغريبة بعض الشيء. تزوجت من رجلٍ يبدو راضيًا بتركها حبيسة في قصر الرئيس “كون” بينما هوَ يتجول في أنحاء مدينة “سول”. تقضي “هي سو” وقتها في زراعة مخدر الأفيون الغير شرعيّ ومساعدة “وو شين” سرًّا لأسبابٍ مجهولة تخصّها. كانت هيّ من أخبرتهُ عن أن “أداماس” هوَ سلاح الجريمة الذي استُخدم لقتل أبيه. كما كانت هيّ من زيّفت سجلاتهُ الطبيّة حتى تسمح لهُ بدخول القصر دون الحاجة ليَذكر الطُعم الذي يخفيهِ بين يديه. لدى “هي سو” أجندة وهيّ بغموض ومكر “وو شين” (ثنائي مثاليّ لبعضهما بحق). ولكن لِمَ تكلّف نفسها كل هذا العناء؟
“سو هي” من الناحية الأخرى، مثاليّة لتحمل حِدّة طبّاع “سو هيون”. فكِلاهما لا يُطيقان الهراء، ولا يملكان الوقت للمجاملات والألاعيب السياسية، ويُحبذان أن يدخل الآخرين صلّب الموضوع مباشرةً. كما أنهما لا يقبلان بكلمة “لا” كجواب. حينما صَرخ رئيس “سو هي” عليها لفضحها نائب البرلمان “هوانغ بيونغ تشو” لأسبابٍ سياسية، لم تتردد بتولي زمام الأمور والتوجه إلى “سو هيون” للعمل معهُ والإطاحة بالرجل. ولكن تساؤل ما دافِعها قدّ عادّ من جديد، فلمَ تريد صحفيّة الخوض في هذه المسألة العويصة والتي قدّ تُنهي وظيفتها من أجل الإطاحة برجلٍ لا تعرفهُ حتى؟
كِلا المرأتان لديهما دوافعهما الخاصّة وتُدافعان عن نفسيهما بقوّة. حتى رئيسة الخدم القاسية دورها قويّ. ليس من الواضح ما لو كانت هذه الدراما ستحمل لنّا مشاهد رومانسية في حلقاتها المقبلة، لكن “جي سونغ” رائعٌ كعادتهِ (“الطبيب جون” وَ “قاضي الشيطان” خير مثال) في المشاهد الرومانسية والتي نتمنى أن نحظى ببعضها في الحلقات القادمة.
قدّمت لنا “أداماس” الكثير من الأحداث في أولى حلقاتها مع قائمة طويلة من الشخصيات والدوافع الشائكة ومع نخبّة من الممثلين المخضرمين وطاقم العمل كذلك. نحن نقول وبثقة أننا على أبواب دراما عظيمة. ومع وجود إثنان من “جي سونغ”، فالدراما لن تفشل حتمًا!

مارستُ الترجمة هواية وبِتُ أهواها.. تشدني الثقافة الشرق آسيوية عامةً والكورية خاصةً..♡